يقع مشروع البستان في حي الملقا شمال غرب مدينة الرياض وقد تم إعادة تخطيطه ليتماشى مع التوجهات الحديثة للعمران الجديد التي تنص على تحقيق مفاهيم أنسنة المدن. انطلاقًا من هذا المفهوم؛ يتمتع السكان بالمشي بعيدًا عن مخاطر السيارات، ويمنع اختراق السيارات للمشروع مما يضفي جانبًا من الأمان والسلامة المرورية. يضمن ذلك تمتع سكان الحي بالتجوال داخل المشروع مشيًا في الذهاب لمناشط الحياة المختلفة من التسوق أو الذهاب للمسجد أو الخدمات الاجتماعية أو للتنزه أو لزيارة بعضهم البعض وبذلك تزداد الألفة وأواصر المحبة والتعارف بين السكان وزيادة العلاقات الاجتماعية الناجحة.
يقع المشروع المعتمد تخطيطيًا على مساحة ثمانمائة وواحد وعشرون ألف وأربعمائة وثمان وثمانون مترًا مربعًا (82.1488 هكتار)، وقد تم تنفيذ البنية التحتية من طرق وأرصفة وإنارة وشبكات المياه والهاتف والكهرباء ومحطاتها وشبكة التصريف الصحي بالإضافة إلى النوافير والمظلات، كما تم حفر آباراً وتجهيز خزانات للري. كان المشروع كغيره من مشاريع الإسكان الدراجة، التي تراعي الأساسيات المعروفة: توفير الأرض والخدمات، و يعاني من عدم الاهتمام بالإنسان لتكوين علاقات اجتماعية بين السكان لتقوية الروابط الاجتماعية وتوفير الفراغات العمرانية المناسبة لهؤلاء السكان وأماكن التقائهم وممارسة أنشطتهم الصحية من المشي وركوب الدراجات أو التنزه داخل بيئتهم العمرانية، إضافة إلى أنه أوجد مشكلة تعتبر معاصرة ألا وهي اختراق السيارات للمشروع مما يخل بالأمن والسلامة المرورية.
تفاديًا للمشاكل السابقة الذكر، تم إعادة صياغة المخطط لتكوين بيئة إنسانية اجتماعية وصحية مرحبة لممارسة الرياضة والمناشط الثقافية. أدى ذلك الى التدخل بعمليات جراحية لإزالة بعض الشوارع وإضافة أخرى مع مراعاة شبكات البنية التحتية وإزاحتها وإضافة التوصيلات اللازمة لإعادة توصيل القطع السكنية والشوارع بالخدمات العامة وتغيير أماكن المرافق لتتناسب مع التخطيط الجديد. بعد هذه التدخلات التصميمية، نجد في النسخة المحدثة من مخطط البستان جميع الخدمات التي تكفل حياة هانئة لساكنيه، حيث يجدون فيه النوادي الصحية، وديوانيات للخدمات الاجتماعية وعقد اللقاءات والمناسبات، وغيرها من الخدمات التي تحقق الراحة والأمان.
يبين المخطط التالي المرفق شكل 1 الفرق بين المخطط المعتمد مسبقًا و المخطط المحدث الذي اعتمد لاحقًا والذي قمت بتطويره مع أقل ما يمكن من الضرر و التكاليف الإضافية على المطور. المخطط الذي على اليسار هو المخطط الأصلي وهو مخطط نموذجي متكرر والمخطط الذي على اليمين هو المخطط الذي قمت باعادة تخطيطه وفيه وضعت مدخلين للحي أو للمشروع لكي أحقق مبدأ الخصوصية للسكان، ومن ثم ربطت المدخلين بطريق دائري يمكن السكان من الوصول إلى أي نقطة ممكنة بالسيارة، ثم يتفرع منه أربعة طرق مجمعة للحركة يتفرع منها الشوارع الراجعة والتي توصل السكان إلى منازلهم في تدرج مناسب لحركة السيارات؛ بحيث كلما قربنا من المقصد (السكن) تقل حركة السيارات وتكون محدودة بالخروج صباحا للعمل أو المدارس والعودة مساءًا، مما يجعل من تلك الشوارع أكثر أمنًا للمشاة، ويعود ذلك إلى أن يطرق تلك الشوارع يكون إما ممن يسكنون حولها أو من زوارهم، فلا يوجد اختراق لحركة السيارات و تكوين نقاط جذب لسيارات الغرباء، وهو ما يطلق عليه في العالم الغربي بالفراغات والشوارع المشتركةSHARED STREETS/Woonerf Concept.
هناك ثلاث مجموعات سكنية حول مسجد محلي ومركز اجتماعي ووقف تجاري كسوق للاحتياجات اليومية في فراغ عمراني يخلق ساحة وفراغ عام يحوي حديقة كمتنفس ورئة للمخطط. ولأن الخضرة هي رمز الحياة، وباعثة التفاؤل، ومتنفس المخطط، فقد خصصت لها مساحات واسعة وكافية، لتضفي على المكان جوًا حالماً وملاعب أطفال، ومن ثم تم ربط الفراغات الثلاث شارع للمشاة يظلله صفين من الأشجار وتحف بجانبيها أعمدة الإنارة الجميلة. وتم رصف الأرضيات بمواد مستدامة مهيأة للمشي المريح وركوب الدراجات الهوائية، حيث يخترق المخطط بطول كيلومتر، ويرسم خطوطًا شريانية تتدفق من أنحائه ليغذي جميع المساكن التي من حوله وليكون متنفساً روحياً طبيعيًا يلتقي فيه سكان المخطط، كما يمكنهم أن يمارسوا فيه هواياتهم ورياضاتهم المختلفة، في جو يسوده الراحة والأمان.
وفي طرفي طريق المشاة عملنا فراغ عمراني يكوّن نقطة لتجمع السكان لركوب حافلات النقل العام من المحطات، سواء من طريق الإمام سعود بن فيصل وهو شارع تجاري، أو من جهة الشارع الرئيسي للحي من جهة الشمال.